الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن زيارة الأقارب من صلة الرحم التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}. لكن الشارع الحكيم لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها ولا مقدارها ولا مدتها، فالرجوع فيها إلى العرف فما تعارف الناس عليه أنه مدة للزيارة فيعمل به فإذا كانت عادة وعرف البلد أن تكون الزيارة للأخ كل أسبوع والإقامة عند الأم أسبوعا في العام أو أكثر أو أقل، فإن العادة محكمة في ذلك، لكن الغالب أن إقامة المرأة مع أمها سبعة أيام تكفي في صلة رحمها ما لم تكن مريضة، وعليه فلا يجب عليك أن تسمح لها بأكثر من ذلك ، لكنا نوصي في مجال الخلافات الزوجية باستعمال الحكمة وبالرفق والحرص على التغاضي عن كل ما يثير الخلاف والشقاق، فإن الله حض الزوجين على أن يتعاشرا بالمعروف، فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}.، وإن من المعاشرة بالمعروف الحرص على التفاهم وعدم العناد، وتنازل كل منهما للآخر عن بعض حقوقه والتغاضي عن زلاته، والحلم والصبر في المعاملة بينهما، وعلى المرأة العاقلة أن تصل رحمها وتحرص على زيارتهم ولا يكون ذلك على حساب ما نيط بها من الحقوق الخاصة ومن المسؤولية التي هي أهم وآكد. فقد جاء في الصحيحين: والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم. ولا يكون خروجها من البيت إلا للحاجة، فإذا انتهت الحاجة رجعت إلى ما هو الأصل في حقها، وهو القرار في البيت، لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} . وفقكما الله لما يحبه ويرضاه، وأبعد عنكما أسباب الخلاف والنزاع.
والله أعلم.