الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الطبيب الجاهل الذي لا يحسن المهنة إذا عالج مريضا فأتلف عضوا أونفسا بفعله أو وصف دوائه فإنه يأثم ويضمن ما ترتب على جنايته، لما رواه أبو داود والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. وفي رواية: ولم يكن بالطب معروفا فهو ضامن.
وأما الطبيب العارف فإن خطأه يرفع عنه الإثم، ولكنه لا يرفع عنه الضمان. قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع عل الفتويين التالية أرقامهما: 5178، 5852.
وما تعهدت به من تعويض أهل المريضة هو الصواب والأحوط والأورع..
والدية هنا على عاقلتك شرعا، وأنت واحد منهم، إلا إذا امتنعوا فتكون عليك. قال العلامة خليل في المختصر وهو مالكي المذهب، ممزوجا بالشرح: كطبيب جهل أو قصر فيضمن إذا فعل طبه على جهل منه أو قصر في أدائه أو ما أمر به.. فأدى إلى التلف أو الهلاك.. والضمان على عاقلته، لأنه خطأ.. إلا إذا كان ذلك دون ثلث الدية، ففي ماله الخاص، ومفهومه أنه إذا لم يخطئ أو يقصر فلا ضمان، بل هدر.
ولا بد من البحث عن أهل الحق وتوصيله إليهم، ولن تعدم وسيلة لذلك لا تسبب لك ضررا ولا حرجا مع أبيك، ولو كان ذلك بطريق الهبة أو وضعها في حساب لهم وإخبارهم بذلك بطريق غير مباشر أو نحو ذلك من الوسائل.
وليس لهم الحق في مقاضاتك أو غير ذلك، لأن هذا خطأ والخطأ وارد في مثل هذه الحالة.
والله أعلم.