الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاختلاف الفقهي سنة من سنن الله تعالى في خلقه، وقد اختلف الأنبياء هذا النوع من الاختلاف، وهم أفضل الخلق، كما حكى الله عن داود وسليمان في شأن الغنم التي أكلت حرث القوم، قال تعالى: وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا {الأنبياء: 78-79}.
واختلف الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في أمور كثيرة، والاختلاف إما أن يكون سببه أن هذا العالم لم يطلع على النص الذي استدل به غيره أو أنه رأى غيره أرجح منه أو أنه فهم منه ما لم يفهم الآخر أو أنه علم بنسخه أو تخصيصه أو تقييده أو غير ذلك مما هو معروف في علم الأصول.
والاختلاف إنما يكون في الفروع الاجتهادية، وأما أصول الدين والفروع المعلومة من الدين ضرورة، فإنه لا يجوز الاختلاف فيها، ولم يختلف فيها أحد من أهل السنة.
ومن كان له القدرة على معرفة الأدلة واستخراج الأحكام منها، فواجبه أن يتبع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبر متواتراً كان أو غير متواتر، ومن لم يكن له أهلية لذلك، فلا حرج عليه في أن يتبع أي هذه المذاهب تيسر له، وراجع في هذا فتوانا رقم: 32653.
ولمعرفة المنزلة العلمية لشيخ الإسلام ابن تيمية يمكنك أن تراجع فتوانا رقم: 7022.
والله أعلم.