الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المظاهر من زوجته واحد من ثلاثة أمور على الترتيب، الأول: هو تحرير رقبة، والثاني: صيام شهرين متتابعين، والثالث: إطعام ستين مسكينا، ولا يجزئ واحد من الإثنين الأخيرين إلا بعد العجز عما قبله، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4}.
وعليه فإنه لا يجزئ من ظاهر من زوجته الإطعام إلا بعد العجز عن الإعتاق والصيام، فإذا عجز عنهما وأراد الإطعام فالواجب أن يطعم ستين مسكينا وليس ستين صائماً إلا أن يكونوا مساكين, والأحوط تمليك كل مسكين القدر الواجب له من الكفارة، لا إعطاؤه غداء أو عشاء فإن الجمهور على عدم إجزاء ذلك، وراجع في هذا المغني لابن قدامة 8/26.
وأما القدر المجزئ في الكفارة فمختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين أو نصف صاع من تمر أو شعير.... وقال أبو هريرة يطعم مدا من أي الأنواع كان، وبهذا قال عطاء والأوزاعي والشافعي...
واعتبر الأحناف الواجب قدر الفطرة، قال في الدر المختار: فإن عجز عن الصوم أطعم ستين مسكينا كالفطرة. وعند المالكية: مد وثلثان، قال خليل: ثم تمليك ستين مسكينا أحراراً مسلمين لكل مد وثلثان برا وإن اقتاتوا تمراً أو مخرجا في الفطرة فعدله...
وقد علمت أن أحوط هذه الأقوال هو مذهب الأحناف، واللازم عندهم إخراجه نصف صاع، وقدره كيلو ونصف تقريبا، وقيمة ذلك هي بحسب البلد ونوع الطعام المخرج، فانظر ما تخرجه من ذلك في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.