الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد استدرجك الشيطان وأوقع بك مرات ومرات في موبقات ومهلكات أعظمها وأشدها طاعتك له ولها بالذهاب إلى الكنيسة لتبيع دينك بثمن بخس وعرض من الدنيا قليل حتى خرجت أو أوشكت على الخروج من ملة الإسلام والدخول في دين النصارى بأفعال تناقض دينك وتهدم إسلامك وإيمانك، في حين لم تكن مكرها على عملها، وليس لك عذر في فعلها، فتب إلى الله من هذا الفعل الخطير، وتب كذلك من بقية الكبائر الموبقة التي ارتكبتها من زنا ومحاولة إجهاض (قتل) وشرب خمر فإن هذه من كبائر الذنوب بل هي أعظم الكبائر، فقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، قال: ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُون.
وتوعد من فعل هذه الأعمال بوعيد تكاد تنخلع منه القلوب بقوله في تتمة الآية: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {الفرقان:69}، فعليك بالإسراع بالتوبة هربا من هذا الوعيد وطلبا لما وعد به سبحانه من تاب إليه عن هذه الأعمال وأناب بقوله في آخر الآية: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان:70-71}، وإياك والتسويف في التوبة فإن باب التوبة مفتوح ما دامت الروح في الجسد والموت يأتي بغتة ولا يقبل الله توبة عند الموت، كما قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً* وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء:17-18}.
وأما الطفلة من الزنى فتنسب إلى أمها ولا تنسب إليك ولا يترتب عليك أي حقوق تجاهها لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حسا، وما دامت الأبوة الشرعية معدومة فكل ما يترتب عليها معدوم.
والله أعلم.