الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى فرض الإيمان بما أنزل على الأنبياء كلهم، وجعل الإيمان ببعض والكفر ببعض كفرا يستحق صاحبه العذاب العظيم المهين. قال الله تعالى: قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة: 136}. وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا* أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا {النساء: 150-151}.
وأما السؤال عن اليهود لماذا لم يتمسكوا بغير كتاب موسى فإن هذا من مظاهر انحرافاتهم الكثيرة الشنيعة، بل إنهم لم يتمسكوا بكتاب موسى، فقد كانوا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ويكتمون ويحرفون بعضه.
وأما الأنبياء الذين جاؤوهم فقد ذكر القرآن أنهم كانوا يحكمون أهواءهم في التعامل معهم، فكانوا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون.
وأما السؤال عن إمكانية كون كتبهم تحوي بعضا مما جاء به داود فإن هذا ممكن ولكنه لا يمكن أن يوثق بمراجعهم التي بين أيديهم لما فيها من التحريف والتدليس وخلط الحق بالباطل، ولذلك فرض علينا أن لا نصدقهم إلا فيما شهد شرعنا بصدقه.
وراجع الفتوى رقم: 52579.
والله أعلم.