الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن جسم الإنسان محترم بعد موته كاحترامه قبل موته. روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا قالت: كسر عظم الميت ككسره حيا. وفي صحيح مسلم عن مرثد بن أبي مرثد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها. فهذه النصوص تدل بوضوح على احترام جثة الميت وأنه لا يجوز الاعتداء عليها. ومع هذا فقواعد الشريعة تقتضي جلب المصالح وزيادتها، ودرء المفاسد وتقليلها، وقد أجاز العلماء شق بطن الحامل الميتة لا ستخراج جنينها، وأجازوا تقطيع الجنين لإنقاذ أمه، ومنهم من أجاز أكل الميت للمضطر. وأباح العلماء المحدثون تشريح جثة الميت للأغراض التعليمية. وبناء على هذا فإذا توقفت معرفة سبب الوفاة على تشريح جثة الميت فلا مانع من التشريح إذا تعلقت بذلك مصلحة راجحة نحو اكتشاف القاتل أو الاستفادة في علاج مرض معين أو غير ذلك، لأن المصلحة في هذا أرجح من المصلحة في الإبقاء على الجثة غير مشرحة.