الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد قال صلى الله عليه وسلم : لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. رواه البخاري. ومن يحول بينك وبين التوبة، والله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.وقال أيضاً: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:17}. ونبشرك بأن الله يقبل توبتك إذا استوفيت شروط قبولها، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الخطايا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إن التائب يبدل الله سيئاته حسنات، قال تعالى عن صفات عباد الرحمن: .. وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان: 68ـ70}. وانظري شروط التوبة النصوح في الفتويين: 9694، 5450. وعليك بقطع العلاقة فوراً مع هذا الشخص الذي ارتكبت معه الفاحشة وغيري رقم جوالك، ولا تمكنيه من الاتصال بك أبداً. والتزمي بأداء الصلاة في وقتها، واحذري تركها، فإن الله تعالى توعد تاركها بعذاب أليم، وانطري الفتوى: 6061. وتخلصي كذلك من القرض الربوي الذي أخذته لشراء السيارة إن كان ذلك ممكناً وأرجعيه للبنك المقرض، وتوبي إلى الله تعالى من التعاون مع البنك على إثم أكل الربا. واحذري التفكير في الانتحار، فإنه كبيرة من الكبائر، ولقد توعد الله قاتل نفسه بالعذاب الأليم، وانظري الفتاوى: 5671، 10397 ، 8012. واسألي الله أن يشرح صدرك لما يحبه ويرضاه، وأن يتوب عليك ويغفر لك، فقد قال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. وإياك أن تخبري أحدا كائناً من كان بما اقترفت فإن ذلك إثم على إثم، فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله تعالى، من أصاب من هذه القاذروات شيئاً فليستتر بستر الله ... وفتشي عن أخوات صالحات فاضلات، وانتظمي في سلكهن، فإنهن خير معين بعد الله تعالى، ففي الصحيحين وغيرهما: عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فَدُل عليه فسأله: هل من توبة؟ فقال: أبعد تسعة و تسعين تكون لك توبة، فقتله فكمل به مائة، ثم مكث ما شاء الله، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه فسأله هل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة ولكن ائت قرية كذا فإن فيها قوما صالحين فاعبد الله معهم، فأدركه الموت في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث الله ملكا يحكم بينهم فأمر أن يقاس فإلى أي القريتين أقرب ألحق به، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر الله له. والله أعلم.