الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمجرد السماع بأن مال والد صديقك حرام لا يلزمك به ترك الأكل من ماله، أما إذا ثبت ذلك سواء كان بنقل ثقة أو اطلاع على حقيقة عمل والده، ففيه تفصيل: فإن كان لصديقك مال غير ما يأخذه من أبيه، فلا حرج عليك في الأكل من ماله أو قبول هديته.
وإن كان لا مال له غير ما يأخذه من أبيه، وكان كل مال أبيه من الحرام، فلا يجوز الأكل من ماله أو قبول هديته، أما إن كان مال أبيه مختلطاً بين الحلال والحرام، فيستحب ترك الأكل من ماله ولا يجب، وراجع للتفصيل الفتويين رقم: 6880، ورقم: 21139.
وفي حالة كون كل مال أبيه من الحرام، ولا مال له غير ما يأخذه من أبيه، وقد أكلت منه، فعليك بالتوبة إلى الله، وانظر قيمة ذلك فأنفقها في مصالح المسلمين، كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات والمدارس، ولا تعد إلى ذلك مرة أخرى، والأصل في ذلك أن المال الحرام الذي اكتسب بطريق محظور لا يدخل في ملك حائزه، ويد حائزه عليه يد غصب، والواجب عليه رده إلى مالكه إن كان مالكه معلوماً، فإن لم يكن معلوماً وجب صرفه في مصالح المسلمين، كما هو مقرر في موضعه.
وعليه، فمن عامل حائز المال الحرام في عين المال الحرام، ببيع أو شراء أو قبول هبة، وهو يعلم أن هذا المال حرام، فقد أثم بذلك، ووجب عليه الضمان.
قال ابن رشد بعد كلام له في معاملة حائز المال الحرام: وسواء كان له مال سواه أو لم يكن لا يحل أن يشتريه منه إن كان عرضاً ولا يبايعه فيه إن كان عيناً ولا يأكل منه إن كان طعاماً، ولا يقبل شيئاً من ذلك هبة... ومن فعل شيئاً من ذلك وهو عالم كان سبيله سبيل الغاصب في جميع أحواله. فتاوى ابن رشد 1/645.
والله أعلم.