الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر غير واحد من المؤرخين أن القرامطة لعنهم الله أخذوا الحجر الأسود من البيت الحرام بعدما قتلوا الحجاج ونهبوا أموالهم وعاثوا فساداً، فذهبوا بالحجر الأسود إلى بلادهم في شرق الجزيرة العربية، ومكث عندهم اثنين وعشرين سنة، وكان ذلك سنة سبع عشرة وثلاثمائة وردوه سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من التفصيل في كتاب البداية والنهاية لابن كثير في أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة وما بعدها.
أما محاولة الحفر للوصول إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل جسده الشريف فكانت من نصارى الأندلس سنة سبع وخمسين وخمس مائة، على ما ذكره صاحب تاريخ معالم المدينة ونقله عن غير واحد من المؤرخين، وكان الذي أحبط هذه المؤامرة الخبيثة هو السلطان الشهيد نور الدين محمود زنكي المملوكي المصري حيث رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول له: أنقذني من هذين فتوجه من وقته إلى المدينة المنورة، وعلم أن أمراً حدث بها، فبحث عن الرجلين حتى قبض عليهما فأخبراه أن نصارى الأندلس أرسلوهما في زي مغاربة حجاج فجاورا بجانب الحجرة الشريفة وظلا يحفران خفية حتى اقتربا من القبر الشريف، فأعدمهما السلطان، وحفر خندقاً عميقاً حتى وصل إلى الماء من جميع جوانب الحجرة، وصب فيه الرصاص المذاب حتى لا تتكرر المحاولة مرة أخرى.
كما ذكر صاحب تاريخ معالم المدينة محاولة نقل جسد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه إلى مصر، وكانت المحاولة هذه المرة من الحاكم العبيدي صاحب مصر وبالتغاضي والتعاون من والي المدينة في تلك الفترة، ولكن الله تعالى حمى نبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من هذه المؤامرات الدنيئة، ولعل من أسباب هذه المحاولة الحصول على المنافع الاقتصادية، ولم نسمع عن من حاول نقله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن.
والله أعلم.