الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما فعلته هذه الأخت من اختلاط بالرجال وجلوس معهم وتمكينهم من تقبيلها ذنب وخيانة لله ولزوجها، بيد أن بكاءها ليلا ونهارا وتأنيب ضميرها لها على ما اقترفته من ذنب وخوفها من الله ومن عذابه وخشيتها من أن يفضحها ربها على رؤوس الأشهاد علامة على صدق إيمانها، كما قال سبحانه: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {آل عمران: 175}. وعلى عدم أمنها من مكر الله عز وجل الذي هو شأن الخاسرين كما قال سبحانه: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف: 99}.
غير أنه ينبغي أن تجمع بين الخوف والرجاء وأن لا يصل بها الخوف إلى حد القنوط من رحمة الله واليأس من عفوه ومغفرته، فإن ذلك ذنب آخر، وعليه، فنقول للأخت: إن من تاب التوبة الصادقة النصوح المستكملة لأركانها بترك المعصية والإقلاع عنها، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليها في المستقبل، من تاب هذه التوبة تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات، وقد قال ذلك سبحانه في حق من أشرك وقتل وزنا، وكل ذلك أعظم مما فعلته الأخت. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان: 68-71}.
وإذا تاب العبد توبة نصوحا فليحسن الظن بالله أنه لا يرد توبته ولا يضيع عمله، فإنه لا يضيع أجر المحسنين، كل ذلك مع بقاء الخوف في قلبها، فصلاح المؤمن مرهون باجتماع الخوف والرجاء في قلبه.
والله أعلم.