الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بين الحديثين، فالمعازف محرمة وقد ورد تحريمها من أدلة كثيرة، منها ما رواه البخاري في صحيحه تعليقا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر المعازف. الحديث. ومنها ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور. فلا شك أن ذكر المعازف في هذا الحديث بين القينات والخمور وذكر استحلالها في الذي قبله مع الفروج والحرير والخمر هو أكبر دليل على تحريمها مع أن لها أدلة أخرى تحرمها غير ما ذكر.
والمراد بالمزمار الذي ورد في الحديث الآخر إنما هو الصوت الحسن، كما ذكر ذلك ابن حجر العسقلاني والنووي والمباركفوري وغيرهم. ولا مانع عند أهل اللغة من إطلاق اللفظ مرادا به حقيقته، وإطلاقه في دلالة أخرى مجازية، وراجع في ذلك كتب البلاغة تجده كثيرا، فلا حجة فيه لمن أراد إباحة أمر تقرر تحريمه بنصوص صحيحة صريحة.