الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن جريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها وأقذرها، وذلك لمخالفتها للشرع والفطرة السليمة، ولقد عاقب الله عز وجل أهل القرية التي كانوا يتعاطون هذه الفاحشة بأن جعل عاليها سافلها، كما قص الله علينا في كتابه العزيز بقوله: فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ {هود:82-83}، وقد حكم الإسلام بأنه يقتل الفاعل والمفعول به، لما روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وعلى هذا، فندعو السائل إلى المبادرة إلى التوبة من هذا الذنب، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، وعقد العزم على عدم العود له، فإذا أخلص التوبة لله عز وجل فليعلم أن الله تعالى بمنه وكرمه وعد التائبين بقبول توبتهم، فقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:23}، ومما يقوي هذه التوبة مسارعتك إلى الزواج، وهو هنا أصبح واجباً في حقك ما دمت لا تصبر عن هذه المعصية، قال ابن قدامة في المغني: الناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. ثم ذكر الأقسام الأخرى.
أما كون أبوي السائل يعارضان زواجه فلا تلزمه طاعتهما في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، لما روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. وليس في هذا عقوق للوالدين، لأن الشرع الذي أوجب برهما هو الذي قيد طاعتهما بالمعروف.
وننصح السائل أولاً بمحاولة إقناع أبويه بحاجته إلى الزواج، فإن وافقا فبها ونعمت، وإن أصرا على موقفهما فليمض إلى الزواج، ولا ينبغي الالتفات إلى تأثير الزواج على الدراسة، فإنه من يتق الله يجعل له من أمره يسراً.
والله أعلم.