الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغرر والجهالة من العيوب التي ترد بها المعاملات وهو ـ أي الغرر ـ ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول، وفي الحديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر" رواه مسلم. فإذا كان خفاء العيب بالسلعة غير مقصود فهو جهالة، وإن كان مقصوداً فهو تغرير مذموم. وإذا كانت صورة البيع بحالة يحتمل معها وجود العيب، وإن لم يكن مقصوداً من البائع فهو غرر أيضاً. وكل غرر فهو جهالة، ولا عكس، فالجهالة أعم من هذه الجهة.
والغرر أعم من الجهالة من حيث صور البيع، المنهي عنها، ويجمعها أن الغرر هو البيع المجهول العاقبة، وفيه ظلم وعداوة وبغضاء. ومن نوع الغرر ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم من بيع حبل الحبلة، والسمك في الماء، والمضامين، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وبيع الملامسة والمنابذة، ونحو ذلك. قال النووي: النهي عن بيع الغرر أصل من أصول الشرع يدخل تحته مسائل كثيرة جداً، فكل جهالة تؤدي إلى فساد البيع فهي غرر ولا عكس.
ويستثنى من بيع الغرر أمران أحدهما: ما يدخل في البيع تبعاً، بحيث لو أفرده لم يصح بيعه، والثاني: ما يتسامح بمثله: إما لحقارته أو للمشقة في تمييزه وتعيينه، كبيع أساس المباني والقطن المحشو في الحية. والله أعلم.