الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرء يثاب على ما يفعل من الإحسان إلى البهائم، ويعاقب على أذيتها بغير حق، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً، فقال: في كل كبد رطبة أجر.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
فعليك أن تتقي الله -أيتها الأخت الكريمة- في تلك الهرة، وإذا كنت لا تستطيعين حمايتها من أخيك أو غيره، فلتتركي لها الحرية لتنجو بنفسها مما يلحقها من الأذى، وعما إذا كان الله سيعذبك أو يغفر لك ما كنت تفعلينه بها، فإن ذلك يتوقف على صدق توبتك وإخلاصك، مع أن التعذيب والمغفرة هما من الأمور الغيبية التي لا يمكن القطع بما سيكون منها قبل أن يقف الناس أمام المحاسبة بين يدي الله.
والله أعلم.