الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مما هو معلوم أن الاقتراض بفائدة ربا، والربا من كبائر الذنوب ومن السبع الموبقات، وما كان كذلك فلا يحل لمسلم تناوله إلا في حالة الضرورة، كما قال تعالى: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}. ولم تصل المجتمعات اليوم إلى حد الضرورة حتى يقال بجواز تعاطي الربا، فلو أن الحرام عم الأرض حيث لا يوجد حلال لقلنا يجوز للناس تناول الحرام عملاً بقاعدة الضرورة تبيح المحظورات، بل ينتظر حتى تحقق الضرورة. قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: لو عم الحرام الأرض بحيث لا يوجد فيها حلال جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجة، ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات لأنه لو وقف عليها لأدى إلى ضعف العباد. اهـ. وجاء في المنثور في القواعد: وإذا عم الحرام قطراً بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادراً فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة.
وإذا تقرر هذا فإن الحلال اليوم لا يزال ممكناً موجوداً وإن كان فيه بعض العسر والشدة في بعض البلدان، فلا سبيل إلى القول بجواز التعامل بالربا لعموم الناس، ويبقى جواز ذلك عند تحقق الضرورة في كل شخص بحسبه.