الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أعظم نعمة ينعم الله سبحانه بها على الإنسان هي نعمة الهداية والالتزام بدينه، فهي والله نعمة لا يجد الإنسان أثرها وحسن عاقبتها في الآخرة وبعد الموت فحسب، بل إنه يجد أثرها في حياته الدنيا، فما الذي عصم هذه الفتاة بعد الله سبحانه من الانسياق وراء وهم وسراب الحب والعلاقات المشبوهة بين الشباب والفتيات التي أطلت علينا في هذا الزمان إلا توفيق الله تعالى لها ومنته عليها بالهداية والالتزام، فتصرفت هذا التصرف الذي فيه حفظها وصونها وكرامتها كم نتمنى أن يكون هذا حال كل أخواتنا وبناتنا، وخاصة من يدرسن في تلك الجامعات والمدارس المختلطة بحكم تعرضهن للشباب وهن في سن مبكرة قليلات الخبرة والتجربة، فيقعن في تلك العلاقات والحب المزعوم مما يردي كثيراً منهن في مهاوي مهلكة، يفقدن فيه أغلى ما يملكن من عفة وحياء، ونسأل الله أن يحفظ بنات المسلمين.
فهذه الأخت تصلح أن تكون قدوة يقتدي بها أخواتنا وبناتنا في التعامل مع الشباب. ونقول لهذه الأخت إن تصرفها ذلك ينم عن عقل راجح وتدين وحسن تربية، واعلمي أن هذا الشاب سيكون أحرص على الارتباط بك مما لو كنت تماديت معه في المحادثات واللقاءات وما إليها لأنه سيعلم أنك شريفة عفيفة، وأما من تسير في ركب المنخدعات والمنهزمات فإنها تندم حين لا ينفع الندم، فإن سلمت في عرضها فأقل شيء أن هذا الشاب الذي تعلقت به وأحبته وتخيلت أنه يحبها وأضاعت معه وقتها وشيء من عمرها سوف يرميها ويبحث -إن أراد الزواج- عن فتاة لا علاقات لها مع الرجال، لأنه لا يثق في من ربطت معه علاقة أن تربطها مع غيره.
أما عن سؤالك أختنا الكريمة فما تجدينه في نفسك وما يجده الشاب كذلك من رغبة في الارتباط، فلا حرج فيه، وليس عليكم إثم عليه، لأنه مجرد حديث نفس، وقد عفا الله سبحانه عن ما حدث به الإنسان ما لم يعمل أو يتكلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. رواه النسائي والترمذي،
ونرى إن كان هذا الشاب راغبا في الزواج بك أن يتقدم لخطبتك من وليك وتكونين مخطوبة له حتى ييسر الله أمر زواجكما، ولا مانع من أن تقولي له ذلك أي إن كنت ترغب في الارتباط والزواج فعليك أن تذهب إلى والدي أو وليي وتخطبني منه، وإلا فلكل سبيله، فإن لم يتقدم لخطبتك ولم يبد عذرا عن ذلك فانسي أمره ولا تفكري به، والله الموفق.
والله أعلم.