الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما لا شك فيه أن الفرق الصوفية المعاصرة لا تخلو من انحرافات في العقيدة، وزيع عن الحق ومخالفة للهدي، وتكثر فيهم الشركيات كدعاء غير الله والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، واعتقاد النفع والضر فيمن يسمونهم أولياء الله، وغير ذلك. قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا {النساء: 48}.
وقال تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ {الزمر: 38}.
واتخاذ الأولياء والشيوخ وسائط يدعونهم من دون الله ويتقربون إليهم لا يختلف عن شرك المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى حكاية عنهم وعن علاقتهم بأوثانهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى {الزمر: 3}.
بل إن المشركين الأوائل كانوا يلجؤون إلى الله حال الخوف، قال تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ {العنكبوت: 65}. أما هؤلاء فيدعون ويستغيثون بغير الله في جمع أحوالهم.
وللاستزادة راجع الفتاوى: 13353، 8500، 13742، 47064.
هذا بالنسبة إلى دعاء الصالحين والاستغاثة بهم، فكيف بمن يفعل ذلك بمن وقع في المحرمات من لبس الذهب، وأكل أموال الناس بالباطل، وكشف عورة أهله للأجانب، فضلا عن دعوته للناس لعبادته من دون الله.
وجميعها أمور مصادمة للشريعة، فهل يكون هذا من أولياء الله! إن أولياء الله حقاً هم المؤمنون المتقون، ولمعرفة الفارق بين الولي والدعي راجع الفتاوى بالأرقام: 25852، 4445، 4416. ولمعرفة حكم الحلف بغير الله راجع الفتوى رقم: 19237. ولمعرفة حكم الصور وتعليقها راجع الفتوى رقم: 1317، والفتوى رقم: 680. ولمعرفة حكم مصافحة النساء للرجال والعكس راجع الفتوى رقم: 2412، وكذلك حكم تقبيل اليد في الفتوى رقم: 35766.
وأخيراً، فينبغي لهذا الأخ الاجتهاد في دعوة أقاربه، وأن يكسر حاجز الخوف الذي يحول بينه وبين ذلك، وليكن له في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين لم تمنعه شدة قريش وكبرياؤها عن دعوتهم إلى الله تعالى.
ولتكن دعوته لهم ونصحهم بالحكمة والرفق والدعاء لهم، وأن يبين لهم خطورة هذه الأمور، وليصبر في نصيحتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن كان مبتدعاً ظاهر البدعة وجب الإنكار عليه. اهـ
فإن لم يستجيبوا وجب عليه هجرهم في هذه الأمور؛ فلا يذهب معهم إلى هذه الأماكن، ولا يشاركهم في بدعهم، ولا بأس في الأكل معهم؛ لأنه يجب عليه صلة رحمه.
والله أعلم.