الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على خبر يفيد أن نبي الله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام عمد بالماء من قبل رجل دين بنهر الأردن، والذي صح من خبره عليه السلام هو أنه نجا مما أعده له اليهود من المكر والكيد، وقد رفعه الله إليه بعد أن ألقى شبهه على شخص آخر فقتل ذلك الشخص بدله، قال الله تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا* بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا {النساء:157-158}.
وقد اختلف أهل العلم في الكيفية التي رفع الله بها عيسى عليه السلام، وفي كيفية الشبه الذي ألقي على الرجل، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 6238.
وقد ورد في القرآن وفي السنة أشياء كثيرة عن عيسى عليه السلام، مثل الكيفية التي ولد بها، وكلامه في المهد، وإبرائه الأكمه والأبرص، وإحيائه الموتى بإذن الله وغير ذلك، ولكن أهل الكتاب لشدة حرصهم على تكذيب القرآن ونفي الرسالة الخاتمة للنبوة قد بدلوا من كتبهم كل شيء وجدوا فيه تطابقا مع القرآن والسنة، ومع ذلك فقد بقي في كتبهم أشياء كثيرة لم ينتبهوا إلى أنها تثبت صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وعليك -أيها الأخ الكريم- إذا كنت تريد محاجة أهل الكتاب أن تحصن أولاً نفسك بالعقيدة الصحيحة، ثم تجمع كل المعلومات التي من شأنها إدحاض حجتهم. فإن المحاورة مع أهل الكفر إذا لم يكن صاحبها متحصنا بالعلم الشرعي الذي يمكنه من إقناع الخصم ورد شبهته كانت فتنة لأهل الباطل وإضعافاً لموقف أهل الحق.
والله أعلم.