الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الواجب على المرء أن يبر والديه ويحسن إليهما، ويحسن صحبتهما ولا يتضجر منهما مهما فعلا، ولا يسمعهما كلاماً سيئاً، ويكرمهما بالقول والفعل، ويتواضع لهما، ويلين بين يديهما رحمة بهما، ويدعو لهما في حياتهما وبعد مماتهما جزاء ما تعبا عليه وربياه.
فعن ابن معسود رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. متفق عليه.
وقال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 1}.
وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء : 23-24}.
فلا يجوز أن يوصف الوالد بهذه الأوصاف الواردة في سؤال أختنا كقولها والدي المتعصب، لسانه أطول من يده، يتعنتر ويتزمت، وكان يمكن إيصال الفكرة دون نعت الوالد بهذه الأوصاف.
فننصح أختنا الكريمة بقراءة ما جاء في حق الوالدين من النصوص الكثيرة المبينة لعظيم حقهما، وننصحها كذلك بأن تسعى بشتى الوسائل الممكنة لإرضاء والدها، فإذا فعلت ما في وسعها، فنرجو أن لا تكون آثمة بعد ذلك إن لم يرض، فإن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. ويقول: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286}.
أما أن تقول كما ورد في السؤال أفكر في عدم مراضاته أبدا، متى ما أراد أن يرضى سوف يرضى، فهذا يدل على عدم معرفتها وعلمها بعظم حق الوالد، وما يترتب على رضاه من الثواب، وعلى غضبه من العقوبة في الدنيا والآخرة، ولكن يجب التنبيه إلى أن حق الزوج مقدم على حق الوالد، فلا يجوز طاعة والدها في طلب الفراق من زوجها، وإن غضب الدهر كله، فإنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.