الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أنه لا يجوز لمسلم أن يحلف بغير الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وقد نص أهل العلم على أن الحلف بالطلاق فسق.
وعلى هذا، فالواجب على المسلم البعد عن هذا النوع من الأيمان، وذلك أولا لأنه معصية، وثانيا لأن فيه إفسادا لعصمة زوجته، لأن الطلاق من الأمور التي تمضي بالجد والهزل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق، والعتاق، والرجعة. رواه أبو داود والترمذي.
هذا من حيث حكم الحلف بهذه الأيمان.
أما بخصوص ما يترتب على من حلف بهذه الأيمان ثم حنث فهو الطلاق، ويتكرر بتكررها وكون هؤلاء القوم جاهلين لحكمها لا ينفعهم ذلك، لأنهم يدركون معناها اللغوي، هذا عند جمهور أهل العلم.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من قصد بالحلف بالطلاق مجرد التهديد والمنع أو الحث ونحو ذلك دون نية الطلاق فلا يلزمه من ذلك إلا كفارة يمين. وراجع الفتوى رقم: 1673 والفتوى رقم: 37784.
وإذا وقع الطلاق من الزوج مضى، لكن يجوز له ارتجاع زوجته مادامت في العدة، وكان الطلاق لم يصل إلى الثلاث.
أما التطليق باللعن والتأفف أو نحوهما من الألفاظ التي ليس فيها معنى الطلاق أو الفراق فلأهل العلم قولان : أحدهما: أنه لا يقع بها شيء. والثاني: أنه يقع. قال ابن قدامة في المغني منتصرا للقول الأول: فأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق كقوله: اقعدي وقومي وكلي واشربي وأشباه ذلك، فليس بكناية ولا تطليق وإن نوى، لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق.. وبهذا قال أبو حنيفة، واختلف أصحاب الشافعي في قوله: كلي واشربي، فقال بعضهم كقولنا، وقال بعضهم: هو كناية، لأنه يحتمل كلي ألم الطلاق. اهـ.
وقال خليل بن إسحاق المالكي مرجحا القول الثاني: وإن قصده -الطلاق - بكاسقني الماء أو بكل كلام لزم.
والله أعلم.