الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحمد الله تعالى أن هدى هذه الأخت للإسلام ونسأله تعالى لها الثبات على دينه، أما عن سؤالها هل بإمكانها زيارة أهلها المسيحيين في فترة احتفالهم بأعياد الميلاد، فاعلمي أنه يجوز صلة الأقارب المشركين وبرهم لقوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}. فلها وصلهم بالزيارة والاتصال والهدية وغيرها مع عدم مودتهم وموالاتهم لقوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ {المجادلة: 22}. أما زيارتهم في فترة احتفالهم بأعياد الميلاد فقد تكون محفوفة بمحاذير شرعية منها إقرارهم على باطلهم، وتكثير سوادهم، وتهنئتهم بهذا العيد. وهذا لا يجوز لأنه من خصائص دينهم، قال الإمام ابن القيم: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام نحوه.وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه. انتهى كلامه. والله تعالى يقول في وصف عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً {الفرقان:72}. قال المفسرون في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وعليه فلا يجوز لها زيارتهم في هذا الوقت إذا ترتب عليها شيء من ذلك المحرم، والتعليل بإمكان رؤيتهم جميعا بسبب اجتماعهم في هذه المناسبة لا يعتبر عذرا في ارتكاب هذا المحظور. وما سينجم عن عدم حضورك لمناسبتهم وعيدهم من ردة فعل فاصبري عليه واحتسبي الأجر عند الله وهو من جملة الأذى الذي يقع على المسلم من أهل الكتاب والمشركين قال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {آل عمران:186}. ولا تألي جهدا في دعوتهم وهدايتهم للإسلام، وأما إن عدم المحذور فلا مانع من زيارتك لهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.