الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 56766 أن بر الوالدين واجب محتم، يأثم الأبناء بتركه، سواء كان هذا الأب قائما بحقوقهم من النفقة والتربية، أو كان مقصرا في ذلك.
وعليه، فمن ابتلي بأب مقصر في حقه وحقوق الله تعالى الواجبة فإنه يجب عليه بره والإحسان إليه ومداومة النصح له بلطف، لأنه أولى الناس بالنصح من غيره في قوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا : لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم من حديث تميم بن أوس الداري.
أما مسألة ضرب الزوجة والأبناء فإن كان لأجل التأديب، وروعي فيه ضوابط الشرع ومنها: أن لا يكون ضربا مبرحا، وأن تكون الفائدة منه مرجوة فهو جائز، وإلا فلا يجوز، وأحرى إن كان ذلك ظلما وعدوانا. وانظر الفتوى رقم: 69.
أما حكم أخذ الأب أموال بنيه فانظر فيه الفتوى رقم: 25339.
أما الشهادة لأحد الأبوين على الآخر فلا حرج فيها إذا أمن الميل. قال صاحب الفواكه الدواني: وتجوز شهادة أحد الأبوين لأحد أولاده على ولده الآخر، وشهادة الولد لأحد أبويه على الآخر إن لم يظهر ميل للمشهود له، وإلا منعت. اهـ.
أما الشهادة على الأبوين للغير فجائزة، لقول الحق سبحانه: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء: 135}.
قال ابن قدامة معلقا على الآية: فأمر بالشهادة عليهم، ولو لم تقبل لما أمر بها. اهـ.
هذا، وننبه إلى أن الوالد إذا قذف ابنه لا يحد عند جمهور أهل العلم، وذهب بعض المالكية إلى أنه يحد. قال خليل بن إسحاق: وله حد أبيه وفسق. قال شارحه الخرشي: لكن المعتمد أنه لا حد على الأب ولو صرح لولده. اهـ.
أما مسألة منع الابن أباه من ضرب أمه في غير حق شرعي فجائز، لأن في ذلك حفظا لأمه من الضرر ونصرة لهما، أما أمه فلأنها مظلومة، وأما أبوه فلأنه ظالم، ومن نصرته في هذه الحالة منعه من الوقوع في الظلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا: يا رسول الله: هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ على يديه. رواه البخاري.
والله أعلم.