الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلم المحاسبة علم نافع ومهم في أمور الناس الدينية والدنيوية، أما الدنيوية فواضح جداً، وأما الدينية فأقرب مثال هو حاجة فقه المواريث إلى هذا النوع من علوم الآلة.
يقول ابن عرفه: ومعرفة ما يجب من الحق لكل ذي حق في التركة يتوقف على علم الحساب. اهـ
وقد اشتهر بعض العلماء بتفوقهم في هذا الفن منهم الحسن بن زياد من أصحاب أبي حنيفة.
يقول الإمام السرخسي عنه: وقد كان له من البراعة في علم الحساب ما لم يكن لغيره من أصحاب أبي حنيفة.
هذا واعتبر العالم الوزير ابن هبيرة أن تعلم علم الحساب كغيره من علوم الطب والزراعة من فروض الكفاية، كما ذكر ذلك عنه ابن مفلح في الآداب الشرعية، فقال: وذكر ابن هبيرة أن علم الحساب والطب والفلاحة فرض على الكفاية. اهـ
فإذا تقرر هذا، فإن المسلمين مطالبون بأن يتقنوا هذا العلم وينالوا فيه الدرجات الرفيعة، فإذا حصلوه اقتصروا في استعماله على ما تبيحه الشريعة، وما تبيحه الشريعة مجال واسع، أما حساب الربا فيحرم عمله لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم.
ولا ريب أن من يحسب الربا يناله جزء من هذا الوعيد، وما يقال عن مؤسسات الربا من التحريم يقال عن أوكار الرذيلة (الملاهي الليلية).
وأما حساب الضرائب، فيختلف باختلاف الحكم على الضريبة نفسها، فمن الضرائب ما يكون مباحاً ومنها ما يكون ظلماً وسحتاً، فما كان ظلماً وسحتاً لا يجوز للمسلم الإعانة عليه بوجه من الوجوه، وهذا يتصور إذا كان يعمل محاسباً في الجهة الآخذة للضرائب. أما الجهة الدافعة لها فهي في حكم القوانين اليوم مكرهة على الدفع شاءت أم أبت، فإذا دفعوا الضرائب مكرهين لم يلحقهم إثم، ومن باب أولى المحاسب.
والله أعلم.