الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا نعرف سبب معاملة والدك لوالدتك، لكن نقول: إن كان ضربه لها وتشاجره معها وطرده لها أخيراً من البيت مع طاعتها له وعدم نشوزها فهذا ظلم وحرام، وقد قال الله تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء: 34}.
قال القرطبي رحمه الله: إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله، فيده بالقدرة فوق كل يد، فلا يستعلي أحد على امرأته فالله بالمرصاد. انتهى
وقولك: إنها رفضت الاعتذار لا ندري هل طلب منها الاعتذار فرفضت الاعتذار أم اعتذر لها فرفضت اعتذاره؟ وعلى كل فلا نستطيع الحكم عليها بأنها تأثم لأننا لم نسمع منها ونعرف الدافع لها على ذلك.
أما السؤال عن الحل فهو اتباع ما أمر الله تعالى به في قوله: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}.
فننصحكم بالبحث عن حكمين من أهله وأهلها ممن تثقون فيه من أهل العدالة وحسن النظر والبصر بالفقه ليصلحا بينهما.
قال القرطبي رحمه الله: فإن لم يوجد من أهلها من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما عدلين عالمين، وذلك إذا أشكل أمرهما ولم يدر ممن الإساءة منهما، فأما إن عرف الظالم، فإنه يؤخذ له الحق من صاحبه ويجبر على إزالة الضرر، ويقال: إن الحكم من أهل الزوج يخلو به ويقول له: أخبرني بما في نفسك أتهواها أم لا حتى أعلم مرادك؟ فإن قال: لا حاجة لي فيها خذ لي منها ما استطعت وفرق بيني وبينها، فيعرف أن من قبله النشوز، وإن قال: إني أهواها فأرضها من مالي بما شئت ولا تفرق بيني وبينها، فيعلم أنه ليس بناشز.
ويخلو الحكم من جهته بالمرأة ويقول لها: أتهوين زوجك أم لا؟ فإن قالت: فرق بيني وبينه وأعطه من مالي ما أراد، فيعلم أن النشوز من قبلها، وإن قالت: لا تفرق بيننا ولكن حثه على أن يزيد في نفقتي ويحسن إلي علم أن النشوز ليس من قبلها، فإذا ظهر لهما الذي كان النشوز من قبله يقبلان عليه بالعظة والزجر والنهي فذلك قوله تعالى: فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا {النساء: 35}.
فإذا انسد باب الصلح عن طريق الحكمين، فيلجآن إلى القضاء، لأخذ الحق من الظالم وإنصاف المظلوم.
والله أعلم.