الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الورقة التي تعهدت فيها لخطيبتك بالزواج بها، لا حرج فيها، ولا يتم بها الزواج، فإن الزواج عقد لا يتم إلا بشروط وأركان، سبق بيانها في الفتوى رقم: 7704.
فالخطبة سواء وثقت بورقة أو لم توثق وعد يطلب حفظه والوفاء به، وإذا عاهد المسلم أخاه المسلم على شيء فينبغي له أن يفي له بهذا العهد امتثالاً لأمر الله تعالى، فإن إخلاف العهد منهي عنه شرعاً ومذموم طبعاً، وهو من صفات المنافقين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
وأما تعهدك أمام الله بالزواج بها إن كان باللفظ فهو يمين يجب الوفاء به أو التكفير عنه، لقول الله تعالى: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {النحل:91}، قال ابن قدامة كما في الشرح الكبير: وإذا قال: علي عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله وميثاقه لا أفعل، فهو يمين. انتهى، وكفارة اليمين سبقت في الفتوى رقم: 204.
وينبغي الحرص على الوفاء بالعهد مع الله عز وجل، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب الله: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً. ويتقرب إلى الله تعالى إن حلف بالعهد وحنث، ما استطاع، فإن عائشة رضي الله عنها أعتقت أربعين رقبة، ثم كانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول: واعهداه. انتهى، يعني عندما عاهدت الله ألا تكلم ابن الزبير ثم رجعت وكفرت.
ولكن ننبه إلى أن الكلام في الصلاة عمدا في غير مصلحة الصلاة مما يبطل الصلاة، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 6403.
تنبيه: قولك "الله ورسوله أعلم" لمعرفة حكمه يرجى، مراجعة الفتوى رقم: 15926، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.