الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ السائل أن تضييعك للصلاة أعظم إثماً وأكبر جرماً من العمل في صالة القمار هذه -على أنه هو الآخر ذنب كبير- ذلك أن تارك الصلاة متردد بين الكفر والفسق العظيم، وفي الحديث: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. وراجع أقوال العلماء في حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1145.
وأما العمل في صالة القمار فلا شك في حرمته ولكن لا يرقى إلى الكفر، وننبهك إلى شيء مهم وهو أن المسلم وإن تلبس بمعصية أو كبيرة لا يحل له ترك الصلاة لصدور ذلك منه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: إن فلاناً يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق، فقال:سينهاه . رواه أحمد باسناد صحيح. ولا يغرنك ما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا .. فإنه حديث لا يصح، وقد حكم عليه المحدث الألباني أنه حديث باطل كما في السلسلة الضعيفة له. نعم من شأن الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45}. لكن من صلى وارتكب فاحشة فقد خلط عملاً صالحا وآخر سيئاً، فإذا غلبت سيئاته حسناته هلك إلا أن يشاء الله.
واعلم أن الذي يحبط الحسنات هو الشرك، كما قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ {الزمر: 65}. فالذي يجب عليك فعله الآن هو المحافظة التامة على صلاتك فإنها إن صلحت صلح سائر العمل وان فسدت فسد سائر العمل، ثم عليك ترك العمل في هذه الصالة، وأما دينك فإنه لا يجب عليك الاكتساب من الحرام كي تسدده.
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، واسمع إلى ربك يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2ـ 3}. والمهم أن تصدق النية وأن تعمل بالأسباب، وادع الله موقناً وانتظر الفرج ولا تستعجل في الإجابة، وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم مالم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي. رواه مسلم.