شرح حديث (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان عليه..)

12-1-2005 | إسلام ويب

السؤال:
ما هو تفسير هذا الحديث: حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: (دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه، فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر فدنوت منه فقلت له أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقلت له هذا بن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما قال فسكت ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله)؟. رواه مسلم.


الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تناول الحديث المذكور جملة من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه، وعجائب معجزاته.

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بما سيحدث في هذه الأمة من الفتن التي ينسي بعضها بعضاً ويخفف آخرها أولها، وقدم لذلك بأنه حق على كل نبي جاء قبله أن يدل أمته على خير ما يعلم، ويحذرهم من شر ما يعلم، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يترك أمرا ينفع هذه الأمة إلا أمرهم به وحثهم عليه ولا شرا إلا نهاهم عنه وحذرهم منه، والحديث جاء في هذا السياق، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما يخبر أصحابه يهذه الفتن ويحذرهم منها يخبرهم بما ينجيهم من عواقبها فيقول : فمن أحب أن يزحزح من النار ويدخل الجنة فلتاته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، فالإيمان بالله تعالى والعمل الصالح ومعاملة الناس بما يحب الشخص أن يعاملوه به هو سبيل النجاة من الفتن والنار والفوز بالجنة، وهي حكمة بالغة ووصية جامعة..

وأما قول الصحابي: فمنا من ينتضل، فهومن المناضلة وهي المراماة بالنشاب وغيره للسبق، ويستعمل في المسابقة بالكلام والشعر...

وقوله: في جشره. أي: في دوابه يخرجها للمرعى.

وقوله: يصلح خباءه. أي: يبني خيمته، والمعنى أن كل واحد منهم ذهب لحاله وإصلاح شأنه...

ومعنى قوله: الصلاة جامعة. أي ائتوا الصلاة واجتمعوا لها...

قال النووي في شرح مسلم عند تعقيب الراوي على الحديث وتثبته من سماع الصحابي له من رسول الله صلى الله عليه وسلم: المقصود بهذا الكلام أن القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو، وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول، وأن الثاني يقتل، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل، ومن قتل النفس، لأنه قتال بغير حق، فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته.

ثم قال في قول عبد الله بن عمرو: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله. فيه دليل لوجوب طاعة المتولين بالقهر من غير إجماع ولا عهد.

وخلاصة كلام عبد الله رضي الله عنه: أن الطاعة في المعروف، وأن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والله أعلم.

www.islamweb.net