الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تناول الحديث المذكور جملة من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه، وعجائب معجزاته.
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بما سيحدث في هذه الأمة من الفتن التي ينسي بعضها بعضاً ويخفف آخرها أولها، وقدم لذلك بأنه حق على كل نبي جاء قبله أن يدل أمته على خير ما يعلم، ويحذرهم من شر ما يعلم، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يترك أمرا ينفع هذه الأمة إلا أمرهم به وحثهم عليه ولا شرا إلا نهاهم عنه وحذرهم منه، والحديث جاء في هذا السياق، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما يخبر أصحابه يهذه الفتن ويحذرهم منها يخبرهم بما ينجيهم من عواقبها فيقول : فمن أحب أن يزحزح من النار ويدخل الجنة فلتاته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، فالإيمان بالله تعالى والعمل الصالح ومعاملة الناس بما يحب الشخص أن يعاملوه به هو سبيل النجاة من الفتن والنار والفوز بالجنة، وهي حكمة بالغة ووصية جامعة..
وأما قول الصحابي: فمنا من ينتضل، فهومن المناضلة وهي المراماة بالنشاب وغيره للسبق، ويستعمل في المسابقة بالكلام والشعر...
وقوله: في جشره. أي: في دوابه يخرجها للمرعى.
وقوله: يصلح خباءه. أي: يبني خيمته، والمعنى أن كل واحد منهم ذهب لحاله وإصلاح شأنه...
ومعنى قوله: الصلاة جامعة. أي ائتوا الصلاة واجتمعوا لها...
قال النووي في شرح مسلم عند تعقيب الراوي على الحديث وتثبته من سماع الصحابي له من رسول الله صلى الله عليه وسلم: المقصود بهذا الكلام أن القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو، وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول، وأن الثاني يقتل، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل، ومن قتل النفس، لأنه قتال بغير حق، فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته.
ثم قال في قول عبد الله بن عمرو: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله. فيه دليل لوجوب طاعة المتولين بالقهر من غير إجماع ولا عهد.
وخلاصة كلام عبد الله رضي الله عنه: أن الطاعة في المعروف، وأن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.