الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العدل في كل الأمور واجب شرعي لأمر الله تعالى به في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ {النحل: 90}. وقد وصف سبحانه عباده بالاعتدال في الإنفاق فقال: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان: 67}. ونهى عن الغلو فقال: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ {النساء: 171}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني.
وقد نص أهل العلم على الحث على التواضع من غير ذلة ولا تكبر، وعلى الإنفاق والبذل من غير سرف ولا تقتير، ولكننا ننبه إلى أن العبد مأمور بالسعي في زيادة إيمانه والاشتغال بعبادة ربه حتى يعمل جميع ما تيسر من أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، لقوله تعالى: فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا {البقرة: 137}. فليس من خلاف الاعتدال تمسكه التام بدينه وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن خلاف الاعتدال إنما هو في تحريمه على نفسه بعض ما أباح الله من الطيبات، أو تكليفه نفسه بما لم يشرع، ويدخل في المشروع في الدين الإنفاق في أبواب الخير وصرفه ماله في مصارف الخير.
فإن الشارع حض على الإنفاق والصدقة ووعد بالإخلاف، وقد أنفق أبو بكر رضي الله عنه في سبيل الله جميع ماله، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه.
وقد حث الشارع أيضا على معالي الأمور، فينبغي للإنسان أن يسعى في الاتصاف بجميع صفات مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ففي الحديث: إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها. رواه الحاكم وصححه الألباني.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 31942، 19064، 9266، 26673، 48482.
والله أعلم.