الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الصفرة والكدرة -ومنها الخطوط البنية التي تنزل من المرأة- بعد الطهر من الحيض وقبل مرور أقل مدة الطهر التي هي خمسة عشر يوماً هل تعتبر حيضاً أم لا؟ والراجح أنها لا تعتبر حيضاً، وعلى ذلك فالصيام والصلاة في تلك الفترة صحيحان. وأما إذا عاد دم الحيض قبل مرور أقل مدة الطهر السابق بيانها واستمر نزوله حتى جاوز مع مجموع ما قبله من الحيض والطهر المتخلل خمسة عشر يوماً، فلا يعتبر هذا الدم حيضاً، بل هو دم فساد، لأنه لم يفصل بينه وبين الدم الأول خمسة عشر يوماً من الطهر، ولا ينسحب حكم الحيض على الطهر المتخلل بين الدمين، لأن المجموع جاوز خمسة عشر يوماً.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إذا رأت ثلاثة أيام دماً ثم اثني عشر نقاء ثم ثلاثة دماً ثم انقطع فالثلاثة الأولى حيض لأنه في زمان الإمكان، والثلاثة الأخيرة دم فساد، ولا يجوز أن تجعل حيضاً مع الثلاثة الأولى وما بينهما لمجاوزته خمسة عشر يوماً، ولا يجوز أن تجعل حيضاً ثانياً، لأنه لم يتقدمه أقل طهر. اهـ
أما إذا لم يجاوز المجموع خمسة عشر يوماً، فإن الدم الأول والثاني والطهر المتخلل بينهما كلها تعتبر حيضاً، وهذا المذهب يسمى مذهب السحب بمعنى أنها تسحب حكم الحيض على هذا الطهر، وتراجع الفتوى رقم: 51119.
وأما كثرة الغازات التي تشعرين بخروجها منك، فإن تأكدت من خروجها، فإنها تعتبر ناقضة للوضوء، وأما مجرد حصول الشك بخروجها فلا يلتفت إليها، لما في الصحيحين عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يجد الشيء في صلاته، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً و يجد ريحاً.
والشاهد من الحديث أن مجرد الشك لا يؤثر في انتقاض الطهارة، وأما مجرد الاستنجاء بالماء فلا يحصل به دخول الماء إلى الجوف عادة فلا يؤثر على الصيام، ولا تلتفتي للوسواس الذي يعاودك في طهارتك، فإنه من الشيطان، وقد بينا أسباب الوسواس وعلاجه في الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.