الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد خلق الله سبحانه الزوجين الذكر والأنثى، وجعل في كل منهما غريزة وميلا للآخر لا تستقر النفس ولا تسكن إلا بإشباع تلك الغريزة. ومن هنا شرع الله سبحانه الزواج لتستقر النفوس وتهدأ، وتسكن القلاقل والاضطرابات؛ قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21} . وقد أمر الله عز وجل به في كتابه فقال: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ{النور: 32}. وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، روى الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. ولذلك يجب عدم وضع العراقيل في طريق الزواج والعمل على تيسيره، وحتى يسعد الإنسان ويسمو المجتمع. وإن من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج ما ورد في سؤال الأخت من انتظار طويل من قبل الفتاة والرجل الذي تقدمت به السن بحجة إكمال الفتاة دراستها، فلا ندري ما المانع بعد عقد النكاح من الدخول، ولماذا كل هذه الفترة بين العقد وبين الدخول، ومتى كان الدخول بالمرأة مانعا لها من إكمال دراستها، ولماذا يمنع الأب ابنته من لقاء زوجها، في حين أنه بمجرد عقد النكاح الصحيح المتسوفي لشروطه يجوز للرجل أن يختلي بزوجته ويفعل معها كل ما يجوز للرجل أن يفعل مع زوجته. فهل هذا جهل بأحكام الدين، أم مراعاة للعادات والتقاليد المخالفة لشرع الله، فليس للأب منع ابنته من زوجها بعد العقد وبعد دفع المهر المعجل إذا طلبها بأي حجة، كما أن الزوج ينبغي له أن يسعى في تعجيل الدخول، وأن لا يطلب منها اللقاء بهذه الصورة التي فيها مخالفة لأمر والدها، وحتى لا يوقع زوجته في الحرج من جراء عصيان والدها أو عصيانه. ومع أن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الأب، إلا أننا ننصح الأخت أن تسلك سبيلا وسطا بين طاعة زوجها وعدم مخالفة أمر والدها، إما باستئذان والدها في اللقاء بزوجها في أماكن معينة، أو بالاكتفاء باللقاء في البيت حتى ييسر الله لهما الدخول. مع الدعاء أن يجعل الله لهما من أمرهما يسرا، وأن يعجل فرجهما إنه سميع قريب.