الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الظلم محرم بالفعل والقول، لما في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. رواه مسلم. وفي حديث البخاري: الظلم ظلمات يوم القيامة.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير فقال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. رواه مسلم. وقال النووي في شرحه: معناه: من لم يؤذ مسلما بقول ولا فعل.
ويجوز للمظلوم أن يدافع عن نفسه بقدر مظلمته ولا يجوز له الاعتداء، والأولى له الصفح، لقول الله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ {الشورى: 40-41}.
ثم إنه إذا أراد الدفاع عن نفسه وحصل منه ما أدى لقتل من ظلمه، فإن أمر القصد والنية يختلف فعلا من شخص إلى شخص، ويختلف كذلك ما يترتب عليه في الدنيا والآخرة.
فإن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، ويعلم ما تكن صدور الناس وما يعلنون، يجازي العبد بحسب نيته.
وأما القضاء الشرعي، فإنه يتعامل مع الناس بحسب الإقرار أو البينات، وحسب ما يظهر من القرائن.
وقد فرق الفقهاء بين نية القاتل للقتل وبين عدمها، كما فرقوا بين استخدام وسيلة تؤدي إلى القتل عادة، وبين استخدام ما لا يؤدي للقتل عادة.
وقد بينا تفصيل ذلك وذكرنا الفرق بين القتل العمد، والقتل الخطأ، وشبه العمد في عدة فتاوى، فراجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 17038، 17567، 47073، 53535، 43371، 57363.
ويمكنك الاطلاع على بعض كلام الفقهاء حول الموضوع في الاستذكار لابن عبد البر، والمجموع للنووي، والمغني لابن قدامة، والإنصاف للمرداوي، ومغني المحتاج للشربيني،حك وشروح خليل.
والله أعلم.