الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتفسير هذه الآية الكريمة وضحه القرطبي في تفسيره فقال: والمعنى: يريد توبتكم أي يقبلها فيتجاوز عن ذنوبكم ويريد التخفيف عنكم. قيل: هذا في جميع أحكام الشرع وهو الصحيح. وقيل: المراد بالتخفيف نكاح الأمة أي لما علمنا ضعفكم عن الصبر عن النساء خففنا عنكم بإباحة الإماء، قاله مجاهد وابن زيد وطاووس، قال طاووس: ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء. واختلف في تعيين المتبعين للشهوات فقال مجاهد: هم الزناة، وقال السدي: هم اليهود والنصارى، وقال ابن زيد: ذلك على العموم، قال القرطبي: وهذا هو الأصح. والميل العدول عن طريق الاستواء، فمن مال عن طريق الاستواء أحب أن يكون أمثاله كذلك حتى لا تلحقه معرة.
وإرادة الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: إرادة كونية قدرية، وهي التي بمعنى المشيئة، وضابط هذا القسم أمران:
1- أنها لا بد أن تقع.
2- أنها قد تكون مما يحبه الله تعالى، وقد تكون مما لا يحبه الله، ومثال هذا القسم: قوله تعالى عن نوح عليه السلام: وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {هود:34}.
القسم الثاني: إرادة دينية شرعية: وهي التي بمعنى المحبة، وضابط هذا القسم أمران أيضاً:
1- أنها قد تقع وقد لا تقع.
2- أنها لا تكون إلا مما يحبه الله تعالى ويرضاه، ومثال هذا القسم قوله تعالى: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ {النساء:27}.
والله أعلم.