الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلامتان الألباني وأبو الأشبال أحمد محمد شاكر رحمة الله عليهما من علماء العصر الذين ساهموا في تجديد الدين ونفي البدع والخرافات عنه وتنقية السنة المشرفة مما علق بها من الأحاديث المدسوسة والضعيفة، وميزا صحيحها من سقيمها، وردا على شبهات أهل البدع والزيغ والضلال، ونشرا عقيدة السلف الصالح رحمة الله عليهما، فلا نغلو فيهما وندعي لهما العصمة وعدم الخطأ، ولا نجفو عنهما بتتبع زلاتهما التي لم يسلم منها بشر، فكل يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكمال عزيز، وليس من شرط العالم أن لا يخطئ؛ وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لزلة أو خطأ ولعله رجع عنها، وقد يغفر له باستفراغ الوسع في طلب الحق، حيث يطلق لفظ محدث على من حفظ عشرين ألف حديث، قال السيوطي في تدريب الراوي: وقد كان السلف يطلقون المحدث والحافظ بمعنى كما روى أبو سعد بن السمعاني بسنده إلى أبي زرعة سمعت أبا بكر بن شيبة يقول: من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء لم يعد صاحب حديث.
أما المقصود من هذا القول فيسأل عنه قائله، وأما ثمرته فتختلف باختلاف من وجه إليهم هذا الكلام، فإن وجه لطلاب علم مهتمين بهذا المجال وكان في نطاق البحث والمذاكرة فلا بأس به، وإن وجه إلى عوام فليس بجيد لأنه قد يدفعهم إلى الجرأة على العلماء وعدم الوثوق بعلمهم والاستفادة منه، راجع الفتويين: 39675، 4402.
علما بأن الشيخين لم ينفردا بتصحيح ولا تضعيف، وإنما يعتمدان على كلام أهل العلم السابقين، ويرجحان بميزان دقيق، ومن راجع كتبهما علم ذلك، وغاية ما انتقد على العلامة أحمد شاكر هواعتماده على توثيق ابن حبان.
أما العلامة الألباني، فقد اطلعنا على عامة ما كتب فوجدنا أنه في باب الحسن لغيره في بعض الأحيان، يأتي بشواهد ومتابعات لا تشهد للحديث الذي يحسنه، وهذا قليل لا يوجب رد تصحيحات الشيخ رحمه الله.
والله أعلم.