الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النوم فوق السطح غير المسور مكروه لما في ذلك من تعريض النفس للتلف أو الضرر، والإنسان مطالب شرعا أن يحافظ على نفسه ولا يقصر في أخذ الأسباب اللازمة لذلك، ويتأكد ذلك في الأطفال ومن عادتهم الاستغراق في النوم والتحرك فيه، وربما حرم. قال السفاريني في شرح منظومة الآداب: ويكره تنزيها ـ على الأصح ـ لأن الغالب السلامة، وما غالبه السلامة لا يحرم فعله، ويكون النهي عنه للأدب. ثم قال: ويتوجه قول ثالث وهو: اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص وعاداتهم وصغر الأسطح ووسعها نظرا للمعنى.
وحاصل كلام السفاريني أن في المسألة ثلاثة أقوال: القول الأول: الكراهة تنزيها وهو القول الصحيح الذي نص عليه كثير من أهل العلم لغلبة السلامة. القول الثاني: أن النهي للتحريم. القول الثالث: التفصيل باعتبار وسع السطح واختلاف الأشخاص، فإن كان السطح واسعا يؤمن السقوط منه فلا حرمة ولا كراهة. وكذلك إذا كان من عادة الشخص أنه لايتحرك في نومه.. لأن علة النهي هي المحافظة على النفس وعدم تعريضها للخطر.
وقال فضل الله الجيلاني: من بات على ظهر بيت ليس له حجار فقد برئت منه الذمة - الحديث رواه أبوداود وصححه الألباني -لأنه قصر في مراعاة الأسباب العادية لاجتناب الأضرار، فإن النائم قد ينقلب في نومه، وقد يقوم ولا يزال أثر النوم عليه، فيسعى إلى غير الطريق فيسقط، فمن أخذ بالأسباب العادية وذكر الله تعالى واعتمد عليه فهو في ذمة الله عز وجل، إما أن يحفظه وإما أن يثيبه على ما أصابه من ضرر بكفارة السيئات ونحوهما، ومن قصر بعد وسعه لم يكن في ذمة الله عز وجل فإن أصابه ضرر لم يثب، وإن هلك لم يكن شهيدا، بل يخشى أن يعد قاتلا نفسه.
والحاصل أن النوم على السطح غير المسور الأصل فيه الكراهة وربما حرم؛ وذلك لاختلاف السطوح والأشخاص، وأن الصارف له عن التحريم غلبة السلامة.