الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كره كثير من أهل العلم المساس بالكعبة أو تغييرها خشية أن تكون عرضة للتغيير من قبل الملوك ، وذلك يتنافى مع حرمتها وتعظيمها الذي حث عليه الشرع، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30}، وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}، وقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه الأمة لا تزال بخير ما عظموا هذه الحرمة -يعني الكعبة- حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما.
ولهذا ناشد الإمام مالك رضي الله عنه ملوك بني العباس عندما هموا بإعادة بناء الكعبة على ما بناها عليه ابن الزبير، ناشدهم بتركها على ما هي عليه، وقال ما معناه: أخشى أن يصير هذا البيت لعبة في يد الملوك كلما جاء ملك غير فيه. نقل ذلك عنه غير واحد من أهل العلم.
وهذا من فقهه رحمه الله تعالى فلا ينبغي هدم الكعبة بحجة إعادة بنائها على قواعدها الأولى وذلك للمصلحة وسد الذريعة وهو ما أشار له النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أشرت إليه وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.