الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على هذا الالتزام، ونسأله سبحانه أن يديم عليك نعمة الإيمان، وأن يجعلك من الصالحات.
كما نشكرك على الحرص على البر بأبويك، ولتعلمي أيتها الأخت أنه مهما بذلت من جهد في سبيل برهما فإنك لن توفيهما حقهما، وذلك لما لهما من عظيم الحق عليك بعد الخالق سبحانه، فهما اللذان كانا سببا في وجودك في هذه الدنيا وهما اللذان تعبا في تربيتك والعناية بك حتى وصلت هذا العمر، وهذا ما يستوجب منك شكرهما عليه، والمبالغة في برهما، قال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14}.
وإخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه: أن رجلاً من أهل اليمن حمل أمه على عنقه فجعل يطوف بها حول البيت وهو يقول إني لها بعيرها المدلل، إذا ذعرت ركابها لم أذعر، وما حلمتني أكثر، ثم قال أتراني جزيتها؟ قال ابن عمر: لا ولا بزفرة.
فعليك أيتها الأخت بالبر والإحسان إلى أبويك كلما استطعت إلى ذلك سبيلاً، لأن في رضاهما رضا الرب سبحانه وفي سخطهما سخطه.
أخرج البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
لكن طاعتهما والسعي في مرضاتهما تابعة لطاعة الله عز وجل، فما فيه معصية له سبحانه لا طاعة فيه لكائن من كان، لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري: إنما الطاعة في المعروف.
ومن هذا تعلمين أن عدم طاعتك لأبويك في ما أمراك به من معصية هو فعل صحيح لا جرم فيه.
ومع هذا، فحاولي إرضاء أبويك، وإعلامهما بأن سبب امتناعك عن طاعتهما في ما أمراك به هو أنه فيه مخالفة للشرع، وإلا لكنت استجبت لأمرهما.
والله أعلم.