الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعينك ويوفقك على ما تسعين فيه من كفالة والدتك وأختك، وأن يجزل لك الأجر والمثوبة على ما تبذلين وما تسعين فيه من الخير، وأن يأجرك وإخوانك في مصيبتكم في والدكم وأن يخلفكم خيرا منها. ونسأل الله أن يهدي هذا الوالد ويرده إلى جادة الصواب، فإنه بتخليه عن مسؤليته تجاه أبنائه وتعامله معهم هذه المعاملة القاسية والمهينة يتحمل وزرا كبيرا وإثما عظيما؛ لما ورد أن الرجل راع لأهل بيته ومسؤل عنهم، فعليه أن يتقي الله في ما استرعاه الله. فعن معقل بن يسار أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة. رواه البخاري. وهو عند مسلم بلفظ: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. وروى النسائي وابن حبان بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته. وفي المسند وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. ولفظ مسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته. أما ما يجب عليك أختي السائلة من حق تجاه والدك فهو الصبر على تنكره وجفائه ومقاطعته، وعدم معاملته بالمثل، بل عليك أنت وإخوانك صلته وبره، ودعاء الله أن يصلحه ويهديه؛ فإن للوالد حقا ولو كان مشركا. أما عما يجب له من حق في مرتبك، فليس له حق سوى الصلة بالمعروف، ولا يجب عليك إعطاؤه من مالك إلا في حالة كونه فقيرا محتاجا للنفقة فتعطينه ما يكفيه، أما وهو مستغن وغير محتاج، فلا يجب عليك شيء من مؤنته، وباب الصلة أوسع من بذل المال، فيكون بالسلام والكلام وترك الهجر والهدية وغير ذلك. وفقك الله لما يحب ويرضى، وهدى الله والدك للقيام بواجبه ومسؤليته.
والله أعلم.