الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تشكين منه من افتقاد لحنان الأبوين منذ الصغر قد ابتلي به كثير من الناس إما ليتم أصيبوا به وإما لانحراف بعض الآباء عن إشباع حاجات أبنائهم الروحية والنفسية، وذلك بسبب عدم انتهاجهم للتربية النبوية المتوازنة التي تغطي احتياجات الروح والجسد أو بسبب طغيان الحياة المادية عليهم أو غير ذلك من الأسباب. ولكن ليس معنى فقدان هذه الروابط الأسرية والرحمة والحنان في مرحلة من مراحل حياة الإنسان أن يصاب بالخواء الروحي أو الفراغ العاطفي، فإن من قويت صلته بالله خالقه لم يشك من ضعف صلته بالمخلوقين، وإن من أنس بالله استغنى به عما سواه، بل واستوحش من صحبة الناس، وإن من ذاق لذة مناجاة الله بالأسحار قويت روحه وعزت نفسه ولم يفتقر إلى الناس، وقد قال يعقوب لبنيه: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {يوسف: 86}. هذا، وإن كان الإنسان مدنيا بطبعه ويميل إلى الحياة الاجتماعية وإقامة العلاقات مع الناس ـ فإن من فضل الله أنه رتب على هذه العلاقات ثواباً إن كانت مبنية على ما يرضيه سبحانه، وعلى هذا فإن بإمكانك أن تنشئي علاقات مع أخوات لك تتبادلين معهن الحب في الله، وانظري الفتويين: 36998 ،52433. وإن العلاقات المبنية على أخوة العقيدة أقوى بكثير. من العلاقات الناتجة عن أخوة الدم والنسب، وإن لك في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فإن أخوتهم ولحمتهم يضرب بها الأمثال، ولم يكن منشؤها روابط الطين الفانية، وانظري الفتوى رقم:56629. كذلك فإن الإنسان إذا انشغل بما أمره الله به من الطاعات، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعوة الناس إلى الخير بقدر المستطاع، فلن يكون في قلبه أي فراغ، وستمتلئ حياته بالمفيد والنافع، وانظري الفتوى :57084. وأما سؤالك: بماذا تدعين، فنقول لك: اسألي الله كل خير سأله محمد صلى الله عليه وسلم واستعيذي من كل شر استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتهدي في التزام الأدعية النبوية، ومن جملة ما تسألينه الله اسأليه أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يهديك لأحسن الأخلاق.