الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك العمل في هذا المطعم إذا كنت تباشر بيع المحرمات المذكورة أو تساهم في إعدادها للزبائن أو غيرهم، وعليك أن تترك هذا العمل فوراً وتبحث عن عمل غيره يسد حاجتك وحاجة من تعول ممن تجب نفقتهم عليك. فإن لم يتيسر لك عمل غيره ولم يكن عندك مال تنفق منه على نفسك وعلى من وجبت عليك نفقته فلا مانع من البقاء فيه مع التحرر من مباشرة الخمر والخنزير قدر طاقتك، وإنما أبحنا لك ارتكاب المحرم للضرورة وذلك لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ{الأنعام: 119}. أما عن المال المكتسب من هذا العمل في حال الاضطرار إليه، فالواجب عليك أن تتخلص من جزء من الراتب بنسبة العمل المحرم الذي تقوم به، وهذه النسبة تكون تحديداً إن أمكن تحديدها، فإن لم يمكن تحديدها قدرت بغالب الظن، وراجع في هذا الفتوى رقم: 44435. فإن احتجت إلى جزء من هذه النسبة لسد ضرورتك وضرورة من تعول ممن تجب نفقتهم جاز لك أن تأخذ منها بقدر الضرورة، ووجب عليك التخلص من الباقي، لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173}. والقاعدة تقول: الضرورة تقدر بقدرها. وقد نص بعض علماء الشافعية كغيرهم على أن الحاكم الذي يقضي بين الناس يجوز له أن يتقاضى أجراً على ذلك من الخصمين للضرورة، لأن الأصل عدم الجواز، وشرطوا لذلك شروطا منها: أن يكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته. انظر فتاوى السبكي، وقال النووي نقلاً عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ. وما ذكرناه لك من أحكام ينبطق على أخيك في ماله المكتسب من الحرام من حيث الانتفاع بما يسد ضرورته ومن وجبت نفقتهم عليه والتخلص من الباقي. والواجب عليك أيها الأخ السائل تجاه أسرتك أن تعلمهم بمصدر كسب أخيك ليكونوا على بينة من أمرهم، فإن كان لهم أولأحدهم مال يكفيهم للنفقة لم يجز لهم الاستفادة من مال أخيك المحرم، وكذا من قدر منهم على الكسب ووجد عملاً يناسبه ويكفيه. أما عن العمل مع أخيك في المشروع الذي كل رأس ماله محرم فلا يجوز ولو كان نشاط مشروعه حلالاً ، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14147.