الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا خير في عمل يُلهي عن ذكر الله تعالى كائناً ما كان عائده، فالدنيا وما عليها لا تساوي صلاة ركعتين لله رب العالمين، أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. وروى مسلم أيضاً عن عقبة بن عامر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله -عز وجل- خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل.
وعلى المرء أن يتخير من البقاع التي يعيش فيها ما يكون سبباً في زيادة إيمانه ورُقي خلقه، ولذلك فقد أمرنا الله تعالى بترك مجالس اللهو واللغو، والبعد عن قرناء السوء والهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام، ومدح المساجد وذم الأسواق لما في الأولى من الذكر وتلاوة القرآن، ولما في الثانية من الكذب والغش والتدليس الذي يجلب الشيطان ويبعد عن الرحمن، ففي الحديث: أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها. رواه مسلم.
ولهذا فإننا نختار لأخينا السائل أن يترك المكان الذي أدى إلى ضعف إيمانه ورقة تعبده، ولو كان في ذلك تضحية ببعض المال الذي يحصله من العمل الذي هو فيه الآن، وفي الحديث: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الألباني والأرناؤوط، وراجع الفتوى رقم: 12706.
والله أعلم.