الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليكم بر أبيكم والإحسان إليه على كل حال، لأن الله تعالى أمر بذلك في أكثر من آية، ومن ذلك قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}. وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين، ومنها يعلم أن أي فعل يناقض ذلك فهو عقوق وهو من أعظم الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ولا ريب أن المقاطعة للوالدين تعتبر عقوقا لأنه إذا كان ذلك محرما مع غير الوالدين من ذوي الأرحام فهو مع الآباء أشد حرمة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على تأكيد حق الوالد وبره، وخطورة قطع رحمه، وأن ذلك لا يسوغه سوء خلقه.
أما بشأن تصرفات أبيكم مع أخيكم وأصدقائكم فهذا ينبغي أن تنصحوه فيه بالتخلي عن أذية هؤلاء فإن قبل النصح فذلك، وإن أبى فلا تملكون نحوه إلا الدعاء له بالهداية.
أما بيع أبيكم لأملاككم من غير موافقة منكم له على ذلك فتراجع فيه الفتوى رقم: 7490.
والله أعلم.