الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للشخص أن يسجد سجود الشكر في الصلاة، بل تبطل صلاته إن كان عالما بحرمة ذلك، لأنه زاد في الصلاة ما ليس منها، وقد صرح بذلك الشافعية والحنابلة رحمهم الله تعالى، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: اتفق أصحابنا على تحريم سجود الشكر في الصلاة، فإن سجدها فيها بطلت صلاته بلا خلاف. انتهى.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: ولا يسجد للشكر وهو في الصلاة، لأن سبب السجدة ليس منها، فإن فعل بطلت صلاته، إلا أن يكون ناسياً أو جاهلا بتحريم ذلك. انتهى.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا حكم السجود في الصلاة في سجدة سورة (ص) وقد اختلف العلماء في ذلك، فقيل: هي للشكر، وهو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة لما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال: (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. وروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً.
وقيل: هي للتلاوة، وإليه ذهب الحنفية والمالكية، من أجل ذلك فلو سجد عند سجدة سورة (ص) في الصلاة بطلت صلاته عند الحنابلة، وهو الأصح عند الشافعية ما لم يكن جاهلاً أو ناسياً.
أما عند الحنفية والمالكية فلا تبطل، وقد وافقهم على ذلك بعض الشافعية من حيث إنها وإن كانت للشكر إلا أن لها تعلقا بالصلاة، فهي ليست لمحض الشكر، وهو وجه عند الحنابلة كما في المغني، حيث قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: فأما سجدة (ص) إذا سجدها في الصلاة وقلنا: ليست من العزائم، فيحتمل أن تبطل، لأنها سجدة شكر، ويحتمل أن لا تبطل، لأن سببها من الصلاة، وتتعلق بالتلاوة، فهي كسجود التلاوة. والله أعلم.
وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: ففي جواز السجود وجهان في الشامل والبيان وغيرهما أصحهما تحرم وتبطل صلاته. انتهى.
وقال الرملي رحمه الله تعالى: إن كان ناسياً أو جاهلا لا تبطل صلاته ويسجد للسهو، والعالم بحكمها لو سجد إمامه لم يجز له متابعته؛ بل يتخير بين انتظاره ومفارقته، وانتظاره أفضل. انتهى.
والله أعلم.