الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه قد ذكر ابن كثير والقرطبي والشوكاني وابن حجر أن آية الأنعام ليس عليها الاعتماد في التحريم والتحليل لأنها مكية، وقد نزلت ردا على ما حرمه العرب من تلقاء أنفسهم ، وقد نزل بعد هذه الآية بالمدينة التصريح بتحريم أشياء أخرى، وصرحت الأحاديث بتحريم بعض الأشياء منها تحريم كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، وتحريم الخبائث، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل بعض الأشياء، وأمر بقتل بعضها فاستنبط أهل العلم تحريم تلك الأشياء.
ففي الحديث: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب السبع... رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وقد سبقت لنا عدة فتاوى في المسائل التي سألت عنها، فراجع فيها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10466، 804، 52353، 5961، 51420، 55991، 31943، 34876، 16219، 23482، 52769، 9791، 47760، 42999، 8361، 6021، 4588، 34186.28803
وأما ما ذكرت في لحم الإنسان فالمعتمد عند المالكية والحنابلة عدم جوازه للمضطر كما صرح به شراح خليل، والمرداوي في الإنصاف، والبهوتي في كشاف القناع، وفصل الشافعية فجوزوا للمضطر قتل الحربي والمرتد لكونهما غير معصومي الدم، واختلف عندهم في المحارب والزاني والمحصن وتارك الصلاة ونساء أهل الحرب والآدمي الميت، وقد فصل القول في هذا النووي في المجموع وعزا الأقوال لقائليها فراجعه.
وأما الخمر فجوزوها للمضطر لإزالة الغصص بها، وأما شربها لإزالة العطش أو الجوع فالذي عليه الجمهور عدم جوازه لأنها لا تدفع العطش، وقيد الحنابلة المنع بعدم مزجها بما يروي العطش، وذهب إلى جوازه الحنفية وقيدو الجواز بقولهم (إن كانت الخمر ترد ذلك العطش).
والله أعلم.