الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5147، 16780، 27567، 35820، 48035، 48878، 51436، 51452، بيان صفة أهل الجنة فليرجع إليها.
أما صفة أهل النار -أعاذنا الله منها- فقد ورد في ذكرها الكثير من الآيات والأحاديث، وسوف نكتفي بذكر بعضها لصعوبة حصرها في هذه الفتوى لأنها تحتاج إلى بحث كامل.
فمن أوصافهم ما ذكره الله تعالى في قوله: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا {الإسراء:97}، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله؛ كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة، قال قتادة: بلى وعزة ربنا.
وقوله تعالى: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ {المعارج:44}، وقال تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء {إبراهيم:43}، وقال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ {يـس:8}، وقال تعالى: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ {الحاقة:30-31-32}، قال ابن عباس: (فاسلكوه): تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى. انتهى.
وقوله تعالى: وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ* كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ {الحج:21-22}، والنار تحيط بهم من كل مكان؛ كما في قوله تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ {التوبة:49}، وقوله تعالى: لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ {الأعراف:41}، وطعامهم الضريع والزقوم، وشرابهم الحميم، قال تعالى: لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ {الغاشية:6}، وقال تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعَامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ {الدخان}، وقال تعالى: وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا {الكهف:29}، وقال تعالى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ {النساء:56}، وقال تعالى: ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى {الأعلى:13}، قال الطبري: وذلك أن نفس أحدهم تصير فيها في حلقه فلا تخرج فتفارقه، ولا ترجع إلى موضعها من الجسم فيحيا. انتهى.
وقال تعالى: سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ {إبراهيم:50}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح وحسنه الحافظ في الفتح، وراجع الفتوى رقم: 57781، والفتوى رقم: 21563.
وللفائدة راجع كتاب التخويف من النار لابن رجب، وكتاب النهاية في الفتن والملاحم، والتذكرة في أحوال الموتى وأهوال الآخرة للقرطبي.
والله أعلم.