الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 60328 كلام أهل العلم وأدلتهم في أنه لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة ولا أن تخطب وتصلي بهم الجمعة وأنه لم يكن ذلك معروفا في الأزمنة الماضية، فهذه المرأة هي أول امرأة ابتدعت هذه البدعة التي لم تقدم عليها أمهات المؤمنين ولا الصالحات من بعدهن، والواجب على المسلمين الرجوع في هذه القضية وأمثالها إلى علماء الإسلام وفقهائه الراسخين في العلم لا إلى أهل الأهواء والجهلة بدين الله تعالى.
وأما القول بأن منع المرأة من إمامة الرجال هضم لحقها فكذب ومغالطة لأن الشرع الحكيم جعل للمرأة حقوقا لائقة بها وجعل للرجل حقا لائقا به ولا يمكن أن تتساوى المرأة مع الرجل في كل شيء وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى {آل عمران:36}. فالشارع الحكيم قد فرق بينهما، فالواجب التسليم له لأنه هو الذي خلق الذكر والأنثى وهو أعلم بما يصلح لكل منهما كما قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}. وقال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}. والذين يفقهون الكتاب والسنة هم الذين لهم الحق في الكلام في مثل هذه القضايا المهمة، وأما الجهلة فواجبهم الرجوع إليهم في ذلك كما قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43}. ولأهل الذكر شروط وقيود لا بد من توفرها حتى يحق لهم النظر في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد تجاهلها هؤلاء. فينبغي أن نتجاهلهم كما تجاهلوا شرع الله تعالى وتجاهلوا حملته أهل الاختصاص.
والله أعلم.