الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه ليس من حق الوالد أن يأخذ من مال ولده إلا ما كان محتاجا إليه بالفعل ولم يكن في ذلك ضرر على ولده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وعلى ذلك فإن ما فعله هذا الأب بأبنائه لا يجوز، والواجب عليه أن يرد إليهم ما لا يحتاج إليه هو شخصياً من أموالهم، ولا يحل له أن يأخذ منها ما يحتاجون إليه أو يتسبب في ضررهم، وليس له الحق أن يترك مالهم لبنته الكبيرة تتصرف فيه أو يسامحها بما أخذت، وعليها أن ترد ما أخذت من المال لأصحابه فإنه أمانة في عنقها ودين في ذمتها يجب عليها أداؤه.. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وما فعله والدها من مسامحتها به لا يُحِلُّ لها ذلك، لأنه لا يجوز له أصلاً أن يؤثرها عليهم بالعطية من ماله الخاص، ولا شك أن المنع أشد والتحريم أعظم إذا كان من مال الإخوة لما يسببه ذلك من البغضاء بينهم، وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو من السائل الكريم أن يطلع على الفتوى رقم: 46692.
كما ننصحهم جميعاً بتقوى الله تعالى ومعالجة أمرهم بطريقة حكيمة آخذين بعين الاعتبار مكانة الأب وصلة الرحم، وبقوله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة:237}، ولا يمنع ذلك شرعاً من المطالبة بالحق بطريقة محترمة ولو كان ذلك مع الأب، فقد خاصم معن بن يزيد أباه رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري، قال الحافظ في الفتح تعليقا على هذا الحديث: ... وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقاً.
والله أعلم.