الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير قوله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى، وتقدم نظير هذه الآية في سورة يوسف إلا قوله واستوى، فقيل: إن استوى بمعنى بلغ أشده فيكون تأكيدا. والحق أن الأشد كمال القوة لأن أصله جمع شدة بكسر الشين بوزن نعمة وأنعم وهي هيئة بمعنى القوة، ثم عومل معاملة المفرد. وأن الاستواء كمال البنية؛ كقوله تعالى في وصف الزرع: فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ {الفتح: 29}. ولهذا أريد لموسى الوصف بالاستواء ولم يوصف يوسف إلا ببلوغ الأشد خاصة لأن موسى كان رجلا طوالا كما في الحديث: كأنه من رجال شنوءة. فكان كامل الأعضاء، ولذلك كان وكزه القبطي قاضيا على الموكوز. ويدل لما ذكره ابن عاشور من التفريق بين بلوغ الأشد وبين الاستواء ما روي عن مجاهد وابن عباس وقتادة أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، والاستواء أربعون سنة، وراجع في ذلك تفسير البغوي والقرطبي والألوسي.
والله أعلم.