الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج، وخلق آدم مما وصف لكم. وذلك في قوله تعالى: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ وأصل العنصر الذي خلق منه الشيء لا يدل على التعظيم أو التفضيل وإنما الأمر في التفضيل إلى الله سبحانه وتعالى، ورد ذلك إلى العنصر قياس فاسد، وهو الذي جعل إبليس عليه لعنة الله يتكبر ويأبى عن السجود مع الملائكة لآدم عندما أمرهم الله تعالى بذلك فقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ
قال شيخ الإسلام في الفتاوى: وليس تفضيل بعض المخلوقات على بعض باعتبار ما خلقت منه فقط، بل قد يخلق المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.. وآدم خلقه الله من طين فلما سواه ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملائكة وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء وبأنه خلقه بيده وبغير ذلك فهو وصالحوا ذريته أفضل من الملائكة وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين وهؤلاء مخلوقين من نور.
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم فقال بعضهم بتفضيل الملائكة، وقال بعضهم بتفضيل بني آدم، واستدلوا لذلك بأدلة كثيرة يطول ذكرها، تجدها مفصلة في فتح الباري وفي القرطبي، وقد عقب القرطبي على الخلاف فقال: قال بعض العلماء: لا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة أو أن الملائكة أفضل من الأنبياء، لأن طريق ذلك خبر الله تعالى أو خبر رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع، وليس ههنا شيء من ذلك،
وأمر الله الملائكة بالسجود لآدم ليس حجة قاطعة لأن المؤمن مأمور بالسجود إلى الكعبة وهو أفضل منها بالاتفاق، ومذهب أهل السنة وهو الراجح أن الأنبياء أفضل من الملائكة، وأما بقية البشر فلعل الأسلم التوقف في أمرهم.
والله أعلم.