الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المبالغة في العمل الديني أو الدنيوي إلى حد يفضي إلى الملل، ومن ثم إلى الانقطاع والترك شيئ، والإتقان والإحسان فيه شيء آخر، فالمعنى الأول هو الذي جاء الحديث المشار إليه بالنهي عنه والتحذير منه. قال الحافظ ابن حجر: المنبت أي الذي عطب مركوبه من شدة السير مأخوذ من البت وهو القطع، أي صار مقطعا لم يصل إلى مقصوده، وفقد مركوبه الذي كان يوصله لو رفق به. اهـ
والحديث وإن كان واردا في الحث على الرفق في العبادة إلا أنه يصلح أن يستشهد به على الرفق كذلك في الأعمال الدنيوية، فإنه إذا كان القصد والاعتدال مطلوبا في عمل الآخرة، فإن عمل الدنيا أولى وأحرى بالاعتدال والقصد.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: قوله: إن الله سبحانه رفيق يحب الرفق يريد- والله أعلم- فيما يحاوله الإنسان من أمر دينه ودنياه، فإن الرفق عون على المراد. اهـ
وأما الاتقان في العمل فمطلوب شرعا. وفي الحديث: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني في الجامع الصغير.
والله أعلم.